الخميس، 26 أغسطس 2010

تاليف محمود فاروق قصة قصيرة




لم يكن يظن ان هذا البحر الميت اسما و فعلا هو مبتغاه ... و قوانين تلك الرحلات تجبره علي الالتزام بهذا المكان فقط دون غيره كأن هذا الدستور قد تم تعميمه في كل مكان يحل به ... و لكن روحه المتمردة جعلته يواري كل القوانين خلف قانونه الوحيد – انا حر - ...
في البدء لم يجد من يسأله (اين البحر ؟ ) ... ربما خجلا .. او خوفا من منعه كالمعتاد من فعل اي شئ يحبه مهما كان هذا الشئ بسيطا لا و لن يضر في ممارسته شيئا ...
رائحة اليود التي لم يعتادها بعد قادته اليه ... صوت الموج الهادر جعله يسرع كلما علا و قوي ...
ذهنه يطرد اي تفكير في أي شئ كأن الخواطر تنساب من ذهنه لتفسح المجال بأكمله للوافد الجديد ...
و فجأتة رأه ... البحر ...
عندما تلقي السراب الذي طاردته عيناك يتحول حقيقة ...
عندما تتهاوي الدنيا بمادياتها امام حلما في طريقه للتجسد ...
عندما تترك حواسك وحدها خلف الجبل و تصطحب ايمانك بأنك مهما لاقيت صعابا و ادمي الشوك قدميك فأنك في النهاية ستصل ...

الموج يداعب قدمه التي تلامس الرمال كأنها تتعانقان ...

ينظر للافق ... لا يري غير رغوة بيضاء تأتي زاحفة من بعيد تحمل تحديا يلطمه بقفاز قوي ...
لم تحتاج التعويذة لكثير من الوقت ... لم يقاوم و كل ذرة في كيانه تهتف بالاستسلام كعاشق شفه الشوق ...
دلف لعالمه الجديد تاركا وراءه اي امل في النجاة ...
جثا علي ركبتيه و عيناه تتلي صلاتها في محرابها الجديد ...

و شفتيه لا تتوقف عن قص كل أحداث حياته للبحر و هو يدرك ان سره في مأمن ...
اي عاشق هذا الذي يري معشوقه بعد غياب ويتحدث غير لغة الشوق ...
لا يهم من و لا متي رحل .... لا يهم من خسر او اي شئ قد خسر...لا يهم اي شئ غير الولوج في الدائرة ...
حتي و ان رأي انياب الموت تبتسم ...تداعبه الامواج فتصل الي كتفيه ... يرد احتضانها اياه بدموع تمتص نضارة خديه لتترك اخدودا للحزن ... بكي ...
تلك اللألئ الساخنة التي نرجو ان تغادر المقل تحملها الهموم ... لكنه لا يريد التخلي عن ثروته ...
لطمة قوية جعلته يدرك القاعدة الجديدة ... انت هنا بين يدي بحر لا يجدي العناد معه فتيلا ...
انت هنا في ميداني ...
انت لي ...
الامواج تأرجحه و هو يحاول التوحد مع البحر اكثر و اكثر ...
في كل مرة يتمايل فيها يشعر بالاقتراب ...و كلمات معلمه تدوي ... لن تكون هناك نيرفانا ... لتصل ... لا تدع هناك منتهي ...سرمدية الحلم قاربك ...و الذات منارتك ...
اما انت ... فشاطئ النجاة ...
تلطمه موجة أكثر قوة تغرق شعره ... يتغلغل الهواء بين خصلاته فيقشعر جسده ... بنهش الجوع احشائه ...مازال يحمل قلبا ... تأبي سفينته التحرك ... يردد قول معلمه ... تخلص من الوزن الزائد ...
يطيع ...
و الشمس تحرق ما تبقي منه ...
والموج يزداد سرعة وقوة ... و هو كفرع عشب في مهب ريح عاصفة ... مازال رأسه ثقيلا ... لماذا لا تنساها ... لقد جاوبت حبك بغلق الهاتف حين تعرفت صوتك ... لماذا تصر علي الاتصال بها اذن ... يرفع رأسه في خشوع ... و عيناه الزائغتان ترسم الاجابة ... مازالت تتذكرني اذن ...

صارت القسوة تحاصره باذرع اخطبوط ... كلما خمدت احداها ثارت اخري ...
يرن القول من جديد ... حتي تصل ... لا ...
ترتطم به زجاجة ... هل مازال هناك من يؤمن بهذه الترهات ... يرفعها و يتأمل عجينة ورق كانت يوما رسالة ... يقبض بأصابعه عليها ... ترتفع ذراعه لأعلي ... يهوي بالزجاجة علي قبضة يده ... ينساب دمه ... يشعر بالفارق بين دمه و قطرات دموعه ... ابتسم و هو يتأمل الموج الذي يتراجع مذيلا بعار الهزيمة ... و دماءه تكاد تصبغ البحر بلونها القاني ... يرفع قبضة الانتصار لأعلي ... يهم بالنهوض ... تخذله قوته ... يتهاوي و هو يرمق موجه عاتية من بعيد تحمل في ستار رغوتها كلمة نهاية ...

تاليف محمود فاروق قصة قصيرة




لم يكن يظن ان هذا البحر الميت اسما و فعلا هو مبتغاه ... و قوانين تلك الرحلات تجبره علي الالتزام بهذا المكان فقط دون غيره كأن هذا الدستور قد تم تعميمه في كل مكان يحل به ... و لكن روحه المتمردة جعلته يواري كل القوانين خلف قانونه الوحيد – انا حر - ...
في البدء لم يجد من يسأله (اين البحر ؟ ) ... ربما خجلا .. او خوفا من منعه كالمعتاد من فعل اي شئ يحبه مهما كان هذا الشئ بسيطا لا و لن يضر في ممارسته شيئا ...
رائحة اليود التي لم يعتادها بعد قادته اليه ... صوت الموج الهادر جعله يسرع كلما علا و قوي ...
ذهنه يطرد اي تفكير في أي شئ كأن الخواطر تنساب من ذهنه لتفسح المجال بأكمله للوافد الجديد ...
و فجأتة رأه ... البحر ...
عندما تلقي السراب الذي طاردته عيناك يتحول حقيقة ...
عندما تتهاوي الدنيا بمادياتها امام حلما في طريقه للتجسد ...
عندما تترك حواسك وحدها خلف الجبل و تصطحب ايمانك بأنك مهما لاقيت صعابا و ادمي الشوك قدميك فأنك في النهاية ستصل ...

الموج يداعب قدمه التي تلامس الرمال كأنها تتعانقان ...

ينظر للافق ... لا يري غير رغوة بيضاء تأتي زاحفة من بعيد تحمل تحديا يلطمه بقفاز قوي ...
لم تحتاج التعويذة لكثير من الوقت ... لم يقاوم و كل ذرة في كيانه تهتف بالاستسلام كعاشق شفه الشوق ...
دلف لعالمه الجديد تاركا وراءه اي امل في النجاة ...
جثا علي ركبتيه و عيناه تتلي صلاتها في محرابها الجديد ...

و شفتيه لا تتوقف عن قص كل أحداث حياته للبحر و هو يدرك ان سره في مأمن ...
اي عاشق هذا الذي يري معشوقه بعد غياب ويتحدث غير لغة الشوق ...
لا يهم من و لا متي رحل .... لا يهم من خسر او اي شئ قد خسر...لا يهم اي شئ غير الولوج في الدائرة ...
حتي و ان رأي انياب الموت تبتسم ...تداعبه الامواج فتصل الي كتفيه ... يرد احتضانها اياه بدموع تمتص نضارة خديه لتترك اخدودا للحزن ... بكي ...
تلك اللألئ الساخنة التي نرجو ان تغادر المقل تحملها الهموم ... لكنه لا يريد التخلي عن ثروته ...
لطمة قوية جعلته يدرك القاعدة الجديدة ... انت هنا بين يدي بحر لا يجدي العناد معه فتيلا ...
انت هنا في ميداني ...
انت لي ...
الامواج تأرجحه و هو يحاول التوحد مع البحر اكثر و اكثر ...
في كل مرة يتمايل فيها يشعر بالاقتراب ...و كلمات معلمه تدوي ... لن تكون هناك نيرفانا ... لتصل ... لا تدع هناك منتهي ...سرمدية الحلم قاربك ...و الذات منارتك ...
اما انت ... فشاطئ النجاة ...
تلطمه موجة أكثر قوة تغرق شعره ... يتغلغل الهواء بين خصلاته فيقشعر جسده ... بنهش الجوع احشائه ...مازال يحمل قلبا ... تأبي سفينته التحرك ... يردد قول معلمه ... تخلص من الوزن الزائد ...
يطيع ...
و الشمس تحرق ما تبقي منه ...
والموج يزداد سرعة وقوة ... و هو كفرع عشب في مهب ريح عاصفة ... مازال رأسه ثقيلا ... لماذا لا تنساها ... لقد جاوبت حبك بغلق الهاتف حين تعرفت صوتك ... لماذا تصر علي الاتصال بها اذن ... يرفع رأسه في خشوع ... و عيناه الزائغتان ترسم الاجابة ... مازالت تتذكرني اذن ...

صارت القسوة تحاصره باذرع اخطبوط ... كلما خمدت احداها ثارت اخري ...
يرن القول من جديد ... حتي تصل ... لا ...
ترتطم به زجاجة ... هل مازال هناك من يؤمن بهذه الترهات ... يرفعها و يتأمل عجينة ورق كانت يوما رسالة ... يقبض بأصابعه عليها ... ترتفع ذراعه لأعلي ... يهوي بالزجاجة علي قبضة يده ... ينساب دمه ... يشعر بالفارق بين دمه و قطرات دموعه ... ابتسم و هو يتأمل الموج الذي يتراجع مذيلا بعار الهزيمة ... و دماءه تكاد تصبغ البحر بلونها القاني ... يرفع قبضة الانتصار لأعلي ... يهم بالنهوض ... تخذله قوته ... يتهاوي و هو يرمق موجه عاتية من بعيد تحمل في ستار رغوتها كلمة نهاية ...