الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

في نقد الاسلام و المسلمين ج 6

· من الظلم ان نعتبر الحضارة الاسلامية مجرد خيال و اساطير كانت موجودة ذات يوم و اندثرت .
و ذلك كله بسبب ضعف الدول الاسلامية الان و تدهور احوال المسلمين .
ناسيين ان سبب التدهور استعمار اجنبي فتت الدول الي دويلات و قضي علي امبراطورية عالمية من ارقي الامبراطوريات في التاريخ .
و للحق فالجيل الذي امثله معذور عندما يسمع مقولة كنا و كان لنا ... فما يهم الان ماذا اصبحنا .
جيل معذور عندما يجد تاريخا مشوها تدونه الاهواء فيتمسك باسلوب الضعفاء في تقليد القوي ... اي قوي مهما كان و رغما عن اي اختلافات بيننا و بينه .
لذلك تجد ملابس غريبة و تصرفات شاذة و قدوة سخيفة .
معذور جيلي عندما يدرس ماضيه فيجد المؤامرات من المسلمين انفسهم و كيف انه قد هان علي مسلم ان يتحالف مع عدوا له ضد مسلم اخر .
·
معذور عندما يري كم الطعن والتشكيك ، والتخريب ، حتى إن اسم الإسلام أصبح يعني لدى بعض الشباب ، العنف .
" والغريب المدهش أن أبناء الحضارة الغربية ، الذين رسخوا هذه المغالطة في أذهان الرأي العام ، ينتمون إلى الحضارة نفسها التي فجرت على مدى جيل واحد (ثلاثون عاماً) من 1914م إلى 1944م حربين عالميتين، راح ضحية أولاهما ثلاثون مليوناً من البشر ، وراح ضحية الثانية سبعون مليوناً من البشر ، وانتهت هذه الأخيرة بفاجعة نووية ، مسحت من على الأرض مدينتين كاملتين ، هما هيروشيما وناجازاكي باليابان . وهذه الأحداث ليست من عصر ما قبل التاريخ ، بل إن ( أبطالها ) وضحاياها ، ما يزالون يعيشون بيننا إلى اليوم . والفكر المادي الغربي ، هو الذي أباد شعوباً كاملاً ، كان آخرها شعب سكان أمريكا الأصليين ، الملقبين بالهنود الحمر ، منذ عام 1492م إلى أواسط هذا القرن العشرين ، وكذلك الملحمة الدموية المريرة للتجارة بالعبيد الأفارقة ، بعد اختطافهم من أدغالهم ، وقبائلهم ، مما يمثل اليوم وصمة عار على جبين أوروبا وأمريكا . وأقرب إلينا تاريخياً محاولة إبادة ستالين لمخالفيه التي قدر عددها المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي السوفييتي نفسه ، بخمسة ملايين ضحية في ثلوج سيبيريا ، ومحاولة إبادة شعب فيتنام ، الذي افرغت طائرات أمريكا على رؤوس أبنائه قنابل توازي ما أفرغ أثناء الحرب الكونية الثانية ، على أوروبا بأسرها . وجاءت المأساة الاستخرابية المسماة زوراً بالاستعمارية ، فأظهرت للإنسانية بشاعة الفكر الغربي ، الذي استحل دماء الشعوب المستضعفة وأراضيها ، وخيراتها ، فسخرتها القوة العمياء لخدمة ازدهار الغرب ورفاهيته ، وزيادة استهلاكه."[1]
تاريخ ملئ بالمجازر و المذابح .... هل يمكن مقارنته بتاريخ ملئ بالعلم و الحضارة؟
الاجابة لا بالطبع .... لكنهم استطاعوا فعلها .
استطاعوا ان يعمونا بالسحرالزائف فيصبحون هم الاعلي و نحن الادني
استطاعوا ان يسفهوا في نظرنا انفسنا و تغلبوا علي اخطائهم وتحريفاتهم في الدين مما جعل معظم فلاسفتهم ملاحدة .
فمع تشوية بولس لتعاليم السيد المسيح و ادخاله نظرية اللاهوت و الناسوت و كيف ان المسيح قد اتي ليطهر البشرية من خطيئة ادم و بالتالي سقطت رهبة الاله العادل و الرحيم .
فتحدث نيتشة عن موت الاله مادام هذا الاله يمشي في الاسواق و يتسم بالظلم.
و تمسك سارتر بحرية الانسان الذي يهفو الي ان يكون الها (بسبب تجاوزات الكنيسة و تعسفها)و بالتالي فان الرب غير موجود .
مرورا بماركس و فرويد و غيرهم .
و اذا قارنا ذلك بالاسلام نجد انه نزه الله عن التجسيد و لم يقف يوما في سبيل حرية التفكير و الكشف و الاختراع .
نجد الاسلام يدفع اتباعه الي التدبر في الكون و السير في مناكب الارض و جعل طلب العلم فريضة .
نجد الاسلام يجهل تماما فكرة طرد المعارضين من رحمةالله .[2]
يجهل وجود واسطة بين الخالق و المخلوق تتحكم في هذه العلاقة سلبا و ايجابا لتصبح هذه الواسطة في النهاية تجسيدا للاله رضاه من رضاءها و غضبه من غضبتها .
ومن ناحية اخري اجد ان الغريب و المدهش حقا ان نواة حضارة الغرب اسلامية خالصة .
فلولا الاتصال الوثيق الذي تم بين اوروبا و المسلمين في الاندلس ما استطاعت اوروبا الخروج من انفاق الجهل الذي غطاها تماما .
و لولا اتخاذها من فلاسفة المسلمين و علماءها اساتذة يتعلمون و يدرسون عليهم ما كان هناك لاوروبا اي حضارة .
لقد استطاهع فلاسفة الاسلام تنقية عقول فلاسفة الغرب من تناقضات تعاليم الكنيسة المقدسة مع المفهوم السليم والعدل الالهي
فالمسلمين الذين بدأوا في حركة الترجمة التي بدأت في عصر المأمون (813-833م) وضعوا اسس اعظم جضارة مكتوبة بنقلهم كتب أفلاطون وأرسطو إلى اللغة العربية وبدأ الفلاسفة المسلمون يناقشون تلك الأفكار ويطورونها أو يعارضونها.
و ظهرت اسماء خالدة مثل أبو يوسف يعقوب الكندي (المتوفى في 866م) الذي قال: «ينبغي ألا نستحي من طلب الحقيقة، وإن أتت من الأجناس القاصية». وقال إن الغاية من العقيدة الإسلامية والفلسفة اليونانية واحدة، وهي الوصول إلى الحقيقة.
و الفيلسوف أبو نصر الفارابي (870-951م) تأثر بالفلسفة اليونانية (أفلاطون وأرسطو) وأيد فكرة الرئيس - الفيلسوف التي جاء بها ذلك الفكر، وربط بين السياسة والأخلاق والفضائل. وقال إنه يتم تحصيلها عبر التعليم والتأديب على يد ومعلم ومؤدب وفيلسوف من المفترض أن يكون هو رئيس المدينة. وقال إن هناك المدينة الفاضلة والمدينة الجاهلة، وأن المدينة الفاضلة تبقى طالما كان رؤساؤها والسنن التي تشير عليها فاضلة وبقي الحاكم فاضلا.
و أبو علي ابن سينا (980-1037م) الذي تأثر بأرسطو والفارابي، وقال إن السعادة لا تتم إلا بالاجتماع، والمجتمع يتكون من خلال تفاوت الكفاءات بين الأفراد. وقال إن هناك ثلاثة أنواع من المدن. المدينة الضالة والمدينة المخالفة والمدينة العادلة. واهتم بالطبقات الفقيرة في المجتمع وخاصة العمال والخدم ودعا إلى حفظ حقوقهم وسن قوانين وأنظمة لاختيارهم واختبارهم وتوزيع العمل عليهم.
وأبو الوليد ابن رشد (1126-1189م) الذي آمن إن معرفة الله ممكنة من خلال العقل فقط وأن الحكم يلزم أن يسود فيه العدل ويخضع له الحاكم والمحكوم على السواء، وقال إن الخلافة الراشدة مثلت العصر الذهبي للدولة الإسلامية لأنها حكمت بالعدل والشورى وكانت خاضعة للشريعة الإسلامية، لكنها تحولت إلى دولة ضالة (حسب رأي ابن رشد) بوصول معاوية بن أبي سفيان واستيلائه على الخلافة وتحويلها إلى ملك وراثي. وعندما تمت ترجمة كتب ابن رشد إلى اللاتينية انتشرت في أوروبا وبدأت تؤثر على أفكار الأوروبيين مما حدا بالبابا يوحنا الحادي عشر لإصدار أمر بمعاقبة أي شخص يقرأ كتب ابن رشد.
وأحمد بن تيمية (1263-1332م) من أهم العلماء المؤثرين على الفكر الإسلامي السني المعاصر. ولد وترعرع في الشام. وجاء مولده بعد خمس سنوات من تدمير بغداد (دخل المغول بغداد في 1258م واعتنقوا الدين الإسلامي في العام 1295م) على يد التتار (وإنهاء الدولة العثمانية) وبعد ثلاث من دخولهم حلب ودمشق. ابن تيمية (حنبلي المذهب) رأى إن الناس لا بد لهم من أمر وناه فيأمرهم بما يحقق المصلحة والأهداف وينهاهم عن المفاسد. وبدأ بالقول إن إقامة الحاكم الأعلى تعد أمرا ضروريا لخير الناس، ولذلك تجب طاعته. وقال إن السلطان ظل الله في الأرض وولايته تصبح شرعية إذا كان قويا وأمينا. وركز في فكره إلى عقيدة التوحيد ومحاربة البدع والتقاليد المشركة وانتقد الفلاسفة ورجح الالتزام بالقرآن والسنة. ساند ابن تيمية المماليك الذين كانوا يحكمون مصر في حربهم ضد المغول وشكك في إسلامهم واعتبرهم كفارا وأفتى بجهادهم.
و عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (1332-1406م) الذي كتب مقدمته واستطاع تقديم أول تفسير علمي وعقلاني لكيفية تحول الدولة الإسلامية من الخلافة والشورى إلى الملكية والحكم الوراثي. وهو بذلك أسس علم الاجتماع الحديث، وتكفي الإشارة لأثر فكر ابن خلدون على الغرب ما قاله آرنولد توينبي (Arnold Toynbee) (1889-1975م) العالم الاجتماعي البريطاني الذي أرخ الحضارات - عن مقدمة ابن خلدون: «إنها أفضل عمل قام به أي عقل في أي مكان وزمان».
و غيرهم الكثير
فماذا كان رد الجميل ؟
ما ان بدأ الضعف يدب في كيان الدولة العثمانية، حتي تكالبت الدولة الأوروبية لاحتلال البلاد الإسلامية، ففي عام 1830، احتلت فرنسا الجزائر، واحتلت تونس عام 1881، واحتلت فرنسا وأسبانيا المغرب عام 1911، واحتلت إيطاليا ليبيا عام 1911، واحتلت بريطانيا مصر عام 1882، والسودان 1899.
وكانت دول مثل البرتغال قد سبقت الدول الأوروبية في احتلال أجزاء من العالم الإسلامي والعربي كما حدث في مطلع القرن السادس عشر في الخليج عندما تم احتلال مضيق هرمز والساحل العماني والبحرين. ولكن بريطانيا سيطرت على الخليج بصورة تامة منذ 1820، حتى مطلع السبعينات وفي نهاية الحرب العالمية الأولى اتفقت بريطانيا وفرنسا على تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط (اتفاقية سايكس-بيكو). فاختصت فرنسا بسورية ولبنان، بينما اختصت بريطانيا بالعراق وفلسطين والأردن. وبعد الحرب العالمية الثانية سلمت بريطانيا فلسطين لليهود لإقامة وطن قومي يجمع جميع اليهود في العالم، وذلك بعد أن شجعت بريطانيا العرب على الثورة ضد العثمانيين لإقامة حكومة عربية بعد الإطاحة بالحكم العثماني.[3]

و هكذا فأن الرد الغربي علي الجميل الاسلامي كان للاسف لا يرقي الا لجزاء سنمار .
تشوية و تزييف للتاريخ و صار المسلم ارهابيا و صاروا هم الغربيين منارة العالم ...و نحن اس الظلام .

عندما جاء اوباما الي القاهرة محاولا تحسين صورة امريكا في عين المسلمين و العرب عموما اتخذ من التبادل الحضاري اساسا لخطابه مشيدا بالفضل الحضاري الاسلامي [4].
و علي الرغم من انه بذلك دفع الكثيرين للقراءة عن الاسلام –ومنهم عرب و مصريين للاسف- الا ان الذين تدافعوا للقراء عن الاسلم عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر كانوا اكثر ...و رهبتهم اكثر.
لا اشجع هذا الحادث طبعا و لكن احاول تفهم العقلية الغربية التي تعجز عن فهم اي لغة عدا لغة القوة و القوة فقط.
حتي لغة المصالح التي حاول هيجل بفلسفته البراجماتية ترويجيها تهاوت عندما اكتشفوا انها من طرف واحد و لغا يمكن الاعتداد بالعرب شريكا قويا يمثل الطرف الاخر لعلاقة المصلحة .
لذلك حاول بعض المفكرين تبرير استبداد امريكا و اوروبا عموما علي حساب المسلمين بالقول بنظريات عديدة لا يمكن ان يصدقها مثقف حقيقي. فمن هنتنجتون الي فوكوياما بدأت فكرة صراع الحضارات تتخذ شكلا قويا ...و مقنعا ... بالنسبة لهم ... و كمن لسعة الاتهام فصار يجري يمنة و يسارا دون هدي اندفعنا لدرء تهمة ليست بتهمة ... اذ ان البينة علي من ادعي ...فلماذ ترسخ في عقيدتنا اننا الادني؟
بل لماذا ندع لهم فرصة الهاءنا بمواضيع لا ترقي للهم الاكبر المفترض ان نكون عليه .
و من ناحية اخيرة نجد ان ارتباطنا بالماضي و البكاء علي الاطلال جعلنا متصنمين في اماكنا لا نتزحزح الا للخلف .
فلم يعد هناك جديد ... و م يعد بيدنا اي سبيل للمنافسية مع تلاميذ الامس .
صرنا نستورد منهم لنفاياتهم بعد ان صدرنا اليهم انضج الثمر
و مع ظروف التفكك و الابتعاد عن اول مبادئ الاسلام –اقارأ- اظن ان الاسوأ لم ياتي بعد .
و لكن ما هي روشتة الرجوع الي الاسلام بدون تطرف الجماعات الاسلاميةوخيالهم المتوقف عند مرحلة الشعارات المتطرفة .
و بين نظريات الاسلام الليبرالي المتخوفة من كل شئ و صارت مثالا للضعف لا القوة ... بدعوي الواقعية الشديدة .
و لكن لهذا مقالا مستقلا ان شاء الله ...
محمود فاروق
[1] مقدمات في الفكر السياسي الاسلامي .الوسط - منصور الجمري-نقاشات في ورش عمل نظمت في العام 1998
اضواء علي السيرة النبوية –مقارنة بين الادين
عبد الحم جودة السحار –مكتبة مصر
· [3] مقدمات في الفكر السياسي الاسلامي .الوسط - منصور الجمري-نقاشات في ورش عمل نظمت في العام 1998

[4]راجع خطاب اوباما في مدونتي WWW.POLICY122.BLOGSPOT.COMو الاصل الانجليزي و الترجمة المعتمدة الي اللغة العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك