الأحد، 8 نوفمبر 2009

في نقد الاسلام و المسلمين ...الجزء السابع و الاخير

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا الجزء بالذات ...حاولت البحث عن فكرة اضافية اقتنع بها متهما نفسي – و مازلت- بالتقصير و ان ثمة رأيا هناك افضل مما وصلت اليه ...لكن لابد لكل شئ من نهاية .
و مادمت قد وصلت لهذه النقطة وجب علي ان اذكر عدة نقاط :
1- البداية كانت مجرد رغبة في فهم التناقض بين الاسلام كدين يعد اساسا للتقدم الحضاري بما يدعو اليه من حث علي العلم و جعل العلماء ورثة الانبياء من جهة و تركيزه علي مكارم الاخلاق و ركائز الايمان من جهة اخري فيسير العلم مع الايمان و يكتمل المثلث بالعمل.
و لقدت قصدت ان اضع العلم في الذكر سابقا علي الايمان وذلك ليس تقليلا من الايمان بالطبع و لكن للتنبيه علي ان هناك لا دينيون اي غير معتنقين لاي دين و تقدموا تكنولوجيا عن اصحاب ديانات سماوية بعلمهم و عملهم و تأخر اصحاب الديانات بكسلهم و عدم تنفيذهم لاوامر دينهم .
فالمشكلة واضحة في نظري من البداية و بقيت فقط محاولة البحثعن اجابة السؤال :
ماذا فعل المسلمون بالاسلام ؟
فحال المسلمين من انحدار و بعد ان كانوا سادة العالم يهدون الناس و يقودون صاروا منقادين لا يخفي علي احد ... و المحاولات عديدة لكن عقيمة ... عديدة لأن كل يبكي علي ليلاه ... يهتم بنفسه و لا يهتم بدينه .... فلم يعد منه .لذلك كان العقم فلا تتوقع وليدا .
و لان كثيرين قد سبقوني الي هذا التفكير لكني اعيب علي بعضهم تأثره بأراء الغرب في الاسلام في انبهاره بحضارته و تقدمه . فصار يفكر بنفس التفكير حتي كاد ان ينسلخ عن اسلاميته تحت دعاوي جوفاءمثل التنوير و التجديد –ما لم يكن مقصودا بالمصطلح موائمة الدين للواقع الجديد اي اعادة فهم للنص طبقا للتطور الحياتي .. و هذا ما يميز الاسلام انه دين دنيوي و اخروي يهتم بتنظيم الجياة الدنيا اضافة الي الحياة الاخرة .
و الفقة كمصطلح لغوي يعني في المقام الاول الفهم و ليس الحفظ و بالتالي علينا ان ننسي تماما مقولة السلف الاول الا في فهم ما فعلوه ومحاوله تطبيق مبادئهم حالي .كفي ما فعلناه بأنفسنا من تضييق و حصر للدين في بضعة حركات او اذكار و نسينا تماما جوهر الدين و مبادئه ..
المهم ان هناك من سافر للغرب و عاد ناسيا تاريخه تماما و بسبب انبهاره بما رأه بدا يصدق ما يقولونه عن الاسلام عن جهل لااو كراهية و يردده هو عن عدم بصيرة او جهل . .
و هناك من يبحث عمن يشكر في الاسلام فيسميه منصفا و يتخذ منه منارة يهتدي اليها و كأننا ننتظر تكرمهم علينا فيفهون ديننا ثم يفهوننا اياه؟
و الاخير كاره لكل هذا حانق تماما علي الغرب بل ما يحمله و كأنه عجزعن استخلاص الغث من السمين كما فعل ابائنا و اجدادنا الاوائل حين حفظوا حضارة اثينا من الاندثار شأن اي مهزوم رغم ما تحمله هذه الحضارة من عقائد تعدد الالهة .
و كأن هناك اخطر من الشرك بالله . –
للاسف الاجابة نعم بالنسبة للبعض حيث ان الاباحية و الجنسو السياسة اخطر ممن يشرك بالله .و لديه استعداد للدخول في حروب عاتية لكي تتغطي ذراع و في المقابل لا يهمه ان يري الكفر مرسوما علي الوجوه.

و مع وجود كل هذه الاصناف من المفكرين صار الشاب مثلي يتلقي علما من كل صنف يكاد يخالف بعضه .فهذا يتمسك بتشدد و هذا يتتساهل .
هذا يلعن و هذا يمدح .
و ارجعت انا كل ذلك الي طبيعة الدين نفسه التي تحتمل كل شئ و هذا ما جعلها صالحة لكل زمان و مكان لانها ليست مجرد طقوس تعبدية بل مباديء عابرة لاي حدود مكانية او زمانية.
تصلح لراكب الناقة منذ الف سنة و تصلح لراكب الصاروخ الان .
و من لم يفهم ذلك سيلصق في الدين فشله و يصبح الدين هو المخطئ كما قرأت يوما و كا\دت اعصابي تحترق غضبا. ولكن عندما اعدت التفكير في الامر وجدت انه من الافضل لي قرأة اراء غير المسلمين و نقدهم لاسلامنا دون ان اتحيز للاسلام .
و كان الامر صعبا مع كل هذه التجاوزات و الافتراءات علي الاسلام الها و رسولا و اتباع .
والحمد لله الذي جعل هناك من يتولي الرد بعلم اعظم مني .
لذلك وجدت نفسي ابحث في صورة الاسلام الان و من المسئول عنها .
ووجدت الذنب موزعا بيننا و بين الغرب .
نحن بعدم نشرنا ما يشجع علي دخوله . و نحن الذين فقدنا اي قدرة علي الاقناع فتركنا الدين يحارب وحده .
و انهزمنا نحن و لن ينهزم الدين بأذن الله .
و هم بقصرهم الفهم علي ما يرون دون بحث ما الذي اوصلنا لهذا ... و اشك في انهم يستطيعون ادانة انفسهم .
فلا يمكن ان يخططوا و يناضلون من اجل رد هزيمتهم و عندما يصلون للنصر نطالبهم بان يعترفوا بكل هذا .
حسنا ...ما حدث قد حدث و بقي السؤال الاهم ... ما الحل ؟
حاولت ان اناقش نفسي في بعض القضايا – و ليست كلها –التي ينسب الي الاسلام زورا –كما وضحت خلال الاجزاء الستة –
و لكني وجدت ان الاهم عندي ليس الغرب بغروره فهذه مشكلته هو ...
و لكن المشكلة الحقة في تعاملنا مع الدين .
و هنا نجد العديد من الاصناف ... هناك من يتشدد و تجد فيه قابلية سهلة لكل جمود و هذا النوع يري في نفسه مالك مفاتيح الجنة و ان الله –او لنقل –و كأن الملائكة لن تدخل احدا الجنة الا بعد استذانه و العياذ بالله .
و هذا النوع من المسلمين لا يمكن لعقله ان يتذكر قوله تعالي عمن احبطت اعماله و هو يظن انه يحسن عملا ...
يرتدي ثوب التشدد و يحكمه عليه تماما فلا يترك اي كوة للهواء ... و بدلا من اعترافه بالشعور بالاختناق نجده يدعو غيره للاختناق مثله ... و بدلا من ان يتعاون معه غيره من المسلمين و يضحون له خطأه نجدهم يرتعبون منه فهو علي استعداد لتكفير من يفكر – مجرد تفكير – في الاختلاف معه ...
وهذا شأن كل من يظن في نفسه انتلاك الحقيقة المطلقة "الدوجما"و هو ابعد كل البعد عن قشورها .
و هناك من المسلمين من يتذكر انه مسلم في المناسبات و الاعياد و لا تجد لديه اي اهتمام باي شئ و لا يمكن ان تظن في استطاعته اي شئ الا الاهتمام بنفسه ... هذا ان اهتم .
فهذا النوع قد تسرب الي قلبه الياس و الاحباط و الاكتئاب ... فلم يعد يقاتل من اجل اي شئ .
و بدلا من ان يقف باقي المسلمين بجواره ليدرك انه ليس ضعيفا الا لو كان بمفرده نجد انعزاليه و "اناماليه " سائدة بين الجميع .
و يبقي الوسط ... طائفة ارادت الا تكون من هؤلاء و لا من هولاء ...
لكنهها اكتشف انها قلة فأنغلقت علي نفسها مخافة ان تنشد الي اي من الطائفتين .
مثلها كمثل الظمأن في الصحراء اذا كان معه قليلا من الماء انكفي عليه مخافة ان ينفذ منه .
و هل كله خطأ؟
لا يمكن ... مؤكد هنك من رحم ربي ... و لكن اين هم؟
و كيف يمكن معرفتهم؟
هذه الاسئلة لا يمكنني الاجابة عنها بسهولة ...
يمكننا القول انني في مرحلة البحث عن اجابتها ...فالدين يحتاج دوما لمن يفهمه و من ثم يطبقه في حياته .
لكن تطبيق الطقوس والمظهر و الشكل دون الجوهر فهذا عبث و غير منطقي .
و هناك من الدعاة المشهورين مثل عمرو خالد من انتشر بين الشباب لمعرفته لغتهم و افكارهم و كيف يمكن ان يجعل شابا قريبا من الاسلام بعد ان كان بعيدا عنه ...علي الرغم من ان عمرو خالد غير متخصص و لم يتعمق الا في جانب الاخلاقيات فقط –هناك فروع اخري مثل الافتاء و التفسير و علوم الحديث و السنة و الفقة و بالمثل هناك من تعمق و تخصص في كل هذه العلوم و لم يستطع الا تنفير الناس بسبب اسلوبه الاستعلائي و محاولته ان يأمر الناس بأشياء هو اول من يعلمعدم صلتها بالدين فقط ليثبت سلطته التي يستمدها من تدينه المبالغ فيه .
ماذا عن الامام محمد الغزالي الذي فهم الدين حقا و فهم الواقع حقا و ربط بينهم .
و اين السلفيون حقا ممن يعتمدون علي القرأن و السنة و كيف نستمد منهم بمنتهي العقلانية مبادئ الاسلام ... اين هم من دعاة السلفية و التي لا يفهمون منها غير التشدد و تضييق الخناق علي الناس و اولهم انفسهم ...
و اين الصوفيين الذين زهدوا و هم يملكون في متع الحياة فتأدبت مشاعرهم و سلوكياتهم و دافعوا عن الدين بالعقل و باللفظ و بالدم فصاروا روائح الملائكة تسير علي الارض حسنا و جمالا و نقاءا و ايمانا بجمال الاسلام من هؤلاء المتصوفون الذين يتسولون من الناس و يجعلون بطالتهم مدفوعة الاجر من باقي المسلمين تحت دعوة الدروشة .
اين الفقهاء الذين اعملوا عقلهم في التخفيف عن الامة و محاولة استقراء الدين ليصلوا الي مافيه خير الناس فقهاء العصر ممن ينتشرون علي الفضائيات ليقتحموا بكلامهم غرف النوم و يروجون بين الناس لاكاذيب و اسرائيليات يستغلون انها محل خلاف ليملأوا الوقت المخصص لهم بغثاء لا فائدة له .
اقرأوا كما شئتم كتب الفقهاء الاوائل و التراث و اعلموا ما بها من اجتهاد و محاولات و احذوا حذوهم بأن نقرأ نحن ايضا القرأن و نحاول فهمه بعقولنا الان كما فهموه هم بعقولهم وقتهم .
و ليعلم الله ان هناك من القضايا التي قرأت نصا واضحا في القرأن يحكم بشئ و وجدت في الكتب ما يخالف النص القرأني تماما رغم ان الكاتب قد وضع النص في صدارة حكمه المخالف .

و النتيجة بالتالي الكثير من المشكلات و اولها عدم الاقتناع بشيوخنا الافاضل و الشعوربأنهم في واد و نحن في واد اخر .
فتكثر الفتاوي المضجكة قبل عديمة الجدوي فمولانا لا يجرؤ علي شجاعة فتح المواضيع ذات الابعاد السياسية خوفا علي منصبه و بالتالي فلن يتحدث في اي موضوع له قيمة مادامت السياسة متصلةتماما بحياتنا .
و انا لا ادعو رغم كل هذا بمعاداة احد... ربما كانوا هم علي صواب و انا المخطئ .
(فأنا او اياكم علي هدي او في ضلال مبين )
فقط ادعو كل مسلم لان يكون داعية بنفسه...
ابدا بنفسك ودعك من ان تصوب عينك علي من بجوارك تنتظر ان يلتزم اولا ثم تتبعه بعد ذلك ...
او تربط بين التزامك انت و بين التزام غيرك .
ان الله سيحاسبك اولا عن اعمالك انت .
و بالنسبة لمن فتح الله عليه فأعلمه من الدين و لن اقول ففقهه في الدين اذ لا توجد هنا اي مشكلة لكن المشكلة تنبع من ان يفعل المسلم كما فعل الاعراب فيمن علي الله و الاسلام اسلامه.
نحن من نحتاج للاسلام و ليس العكس.
فالاسلام لم ينتظرنا لندعوا اليه بفشلنا و لكن الاسلام انطلق وحده ليغزو عقول اكثر من كرهوه و حنقوا عليه خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر ..
قرأوا ليعرفا ...ففهموا ...فأقتنعوا ....فأمنوا .
وماذا فعلنا نحن ؟
كذبنا ... يقف الداعية ليقول انه قد اهتدي علي يديه عددا من ... و ايضا من ...
و انا اثق تماما انه كاذب .
لان الله هو الهادي و ما انت الا اداة و ان كنت تفكر بهذه الطريقة فصرت الها او رسولا فلقد فشلت .

و لا تعتبر نفسك مقيما للدين لان الدين لم ينهدم فننتظر منك ان تقيمه ...
و لا تعتبر ان تدينك سلطة تجعل من حقك ان تأمر فتطاع او تنقم علي من يخالفك الرأي .
فما انت الا بشر يخطئ و يصيب .
انت بشر الي الخطأ اقرب
و تذكر أولا و اخيا ان الدين المعاملة ...
الدين المعاملة ...
الدين المعاملة .
و الحمد لله من قبل و من بعد .الحمد لله الذي هداني لفكرة كتابة هذه المقالات لتنشيط ذهني و تنقية معلوماتي و التي اري حتي لو كانت خطا ان ذلك افضل ممن يعرفون الصواب و لا يعملون به .
حتي لو كانت ارائي قد بعدت عن الصواب فيكفي انها نتاج بحث و تفكير و اقتناع و ليست نتاج حفظ و تلقين .
و اتمني ان اعود لاكتب مجموعة مقالات اخري لان ما مررت به عبر هذه الفترة كان ممتعا لي للغاية .
سبحانك اللهم و بحمدك
اشهد ان لا اله الا انت
استغفرك و اتوب اليك
محمود فاروق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك