الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

لمحة عن حقوق الانسان ... منقول


لمحة قصيرة عن تاريخ حقوق الإنسان-"دافيد شيمان"
ترجمه بتصرف: أنس عيسى إن الاعتقاد بأنّ كل فرد متمتع بحقوق معينة –استناداً إلى فطرته الإنسانية- هو اعتقاد جديد نسبياً، لكنّ جذوره تمتد في عادات و تشاريع عدة حضارات قديمة، و قد شكلت الحرب العالمية الثانية الحافز على دفع حقوق الإنسان إلى الساحة العالمية و الوعي العالمي. اكتسب الناس –خلال معظم مراحل التاريخ- الحقوق و الواجبات من خلال كونهم أعضاء في مجموعة، عائلة، أمّة أهلية، دين، مجتمع أو بلد، كما احتوت معظم تلك التجمّعات على قاعدة شبيهة بالقاعدة الذهبيّة "عامل الآخرين كما تريد أن تُعامل". إنّ "كتب هندوس الهند" و"شريعة حمورابي البابلية" و "الإنجيل" و "القرآن" و "المنتخبات الأدبية لكونفوشيوس" هي خمسة من أقدم المصادر المكتوبة التي تطرح أسئلة عن واجبات الإنسان و حقوقه و مسؤولياته، بالإضافة إليها شرائع شعوب "المايا" و "الأزتك" في الإدارة و العدل، و الدستور الذي كان مصدر تشريع سكان أمريكا الأصليين قبل القرن الثامن عشر. في الحقيقة إن كل المجتمعات احتوت/سواء في تشريعاتها المكتوبة أم عاداتها/ أنظمة للآداب العامة و العدل، كما نزعت إلى تأمين صحة و رفاهية أفرادها. • اتفاقيات مهّدت الطريق أمام اتفاقيات حقوق الإنسان في القرن العشرين: إن الاتفاقيات التي أكدت على الحقوق الفردية -كاتفاقية "الماغنا كارتا" 1215 م، و "قائمة الحقوق الإنكليزية" 1689م، و "الإعلان الفرنسي عن حقوق الإنسان و المواطن" 1989م، و "الدستور الأمريكي" و "قائمة الحقوق الأمريكية" 1791م- كانت الاتفاقيات المكتوبة التي مهّدت الطريق أمام صدور العديد من وثائق حقوق الإنسان الحالية، على الرغم من أن معظم تلك الاتفاقيات قد استثنت -عند تحويلها إلى سياسات- النساء أو الأقليات العرقية أو مجموعات اجتماعية أو دينية أو اقتصادية أو سياسية، إلا أنّ أولئك الناس المضطهدين قد اعتمدوا على المبادئ المعبّر عنها في تلك الاتفاقيات لدعم ثوراتهم التي سعت إلى حقهم في تقرير مصيرهم. إن القانون الدولي المعاصر لحقوق الإنسان و "مؤسسة الأمم المتحدة" قد سُبقت بتجارب تاريخية، فعلى سبيل المثال، في القرن التاسع عشر بُذلت الجهود لمنع تجارة العبيد وللحد من فظاعة الحروب. وفي عام 1919 أسّست الدول"منظمة العمل العالمية" لمراقبة الاتفاقيات التي تحمي العمال باحترام حقوقهم التي تضمن صحتهم و سلامتهم، كما ازداد الاهتمام بحماية حقوق الأقليات عند نهاية الحرب العالمية الأولى من قبل "عصبة الأمم" –المنظمة التي أنشأها الحلفاء الأوروبيون المنتصرون من أجل التعاون و السلام الدوليين- لكن ما لبثت عصبة الأمم أن تفتتت، و ذلك لرفض الولايات المتحدة الانضمام إليها عند فشلها في منع اليابان من غزو الصين و منغوليا 1931، و منع إيطاليا من مهاجمة إثيوبيا 1935، زالت هذه المنظمة مع انطلاق الحرب العالمية الثانية 1939. • ولادة الأمم المتحدة: انبثقت فكرة "حقوق الإنسان" بقوّة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن فزع العالم من إبادة القوّات النّازية الألمانية لأكثر من ستة ملايين شخص من مختلف الشعوب، و قد أجريت محاكم في كلّ من "نورمبرغ" و "طوكيو" لمقاضاة مسؤولي الدول المهزومة، و معاقبتهم لارتكابهم جرائم حرب "جرائم ضد السلام" و "جرائم ضد الإنسانية"، و تعاهدت الحكومات فيما بعد على تأسيس "الأمم المتحدة" بهدف رئيسي و هو "دعم السلام العالمي و منع النزاع". أراد الناس التأكد من أنّ أحداً ما لن يُحرم من الحياة، الحرية، الطعام، المأوى، الجنسية، و قد أشار الرئيس الأمريكي "فرانكلين دونالد روزفلت" في خطابه عام 1941 إلى جوهر مبادئ حقوق الإنسان عندما تحدث عن عالم مبني على أساس أربعة حريات أساسية: حرية الكلام و المعتقد، و التحرر من الحاجة و الخوف. أتت النداءات من أقصاء العالم لتقرير معايير حقوق الإنسان لحماية المواطنين من إساءات حكوماتهم، و ليُسمح من خلالها بمحاسبة الدول على معاملة المواطنين القاطنين ضمن حدودها، و قد لعبت تلك النداءات دوراً حاسماً في لقاء "سان فرانسيسكو" الذي مهّد ل" صك الأمم المتحدة" عام 1945. • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: تعهّدت الأمم المتحدة بزيادة احترام حقوق الإنسان للجميع، و لتحقيق ذلك أسّست الأمم المتحدة "لجنة حقوق الإنسان"، و انتدبتها لمهمة تأسيس وثيقة تُوضّح معاني الحقوق الخاصة و الحريات المُنادى بها في صك الأمم المتحدة، و قد جذبت تلك اللجنة بالرئاسة الفعالة ل" إليانور روزفلت" اهتمام العالم. في العاشر من كانون الثاني عام 1948 تمّ تبني الإعلان من قبل أعضاء الأمم المتحدة ال56، و ذلك بتصويت شبه إجماعي على الرغم من اعتراض البعض و امتناع الآخر عن التصويت. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قد عزّز الثورة في القانون العالمي التي بشّر بها صك الأمم المتحدة، بمعنى أنّ طريقة معاملة الحكومات لمواطنيها أصبحت بمثابة مسألة اهتمام للشرعية الدولية، و ليست مجرّد قضية ترفيهية. طالب الإعلان بأن تكون الحقوق متكاملة غير قابلة للتجزئة، كما تؤكّد ديباجته على أن: "الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، و بحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية و العدل و السلام في العالم." لقد كان تأثير الإعلان كبيراً، فقد دُمجت مبادئه في دساتير أكثر من 185 دولة في الأمم المتحدة، و على الرغم من أنّ الإعلان لا يُعتبر وثيقة ملزمة قانونياً، إلا أنّه قد أصبح بمرتبة عرف دولي، ذلك لاعتباره "مثلا أعلى مشتركاً ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب و كافة الأمم." • عهود حقوق الإنسان: تابعت لجنة حقوق الإنسان العمل على إيجاد آليات لدعم الإعلان العالمي، فقامت بإعداد اتفاقيتين : العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و البروتوكولان الاختياريان الملحقان به، و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. و شكل العهدان مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يُسمّى "الشرعة الدولية لحقوق الإنسان". يركز العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على قضايا كالحق في الحياة، حرية الكلام و الدين، و على الحق في التصويت. أما العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، فيركز على قضايا كالطعام و التعليم و الصحة و المأوى. يؤكد كلا العهدين على أنّ الحقوق هي لكل الناس، و ضرورة منع التمييز. بحلول عام 1997 كانت أكثر من 130 دولة قد صادقت على العهدين، لكن الولايات المتحدة لم توقع إلا على العهد الخاص بالحقوق المدنية و السياسية مع الكثير من التحفظات. • مواثيق حقوق الإنسان التالية: تبنت الأمم المتحدة –بالإضافة إلى العهدين الدوليين في الشرعة الدولية- أكثر من عشرين اتفاقية هامة لتطوير حقوق الإنسان، تضمن ذلك عهود لمنع و وقف تصرفات سيّئة كالتعذيب و الإبادة الجماعي، كما تضمّنت حماية جماعات خاصة غير حصينة كاللاجئين "العهد المتعلق بوضع اللاجئين" عام 1951، و النساء "العهد الخاص بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد النساء" عام 1979، و الأطفال " العهد الخاص بحقوق الطفل" عام 1989. حتى عام 1997، كانت الولايات المتحدة قد صادقت فقط على العهود التالية: 1. العهد الخاص بإلغاء كافة أشكال التمييز العنصري. 2. العهد الخاص بمنع جريمة الإبادة الجماعية و معاقبة مرتكبيها. 3. العهد الخاص بالحقوق السياسية للنساء. 4. اتفاقية إلغاء الرّق عام 1926. 5. العهد ضد التعذيب و الممارسات و العقوبات القاسية غير الإنسانية و المُهينة. كما عززت المواثيق الإقليمية لحماية و تطوير حقوق الإنسان (في أوروبا و أمريكا و إفريقيا) الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، فمثلاً أنشأت الدول الإفريقية صكها الخاص بحقوق الإنسان عام 1981، و أنشأت الدول الإسلامية "إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام" عام 1990. إنّ التغيرات الدراماتيكية التي حدثت في أوروبا الشرقية و إفريقيا و أمريكا اللاتينية منذ عام 1989، أكدت و بقوة على دفعة في طلب حقوق الإنسان، كما أن التحركات الشعبية في الصين و كوريا و بعض البلدان الآسيوية الأخرى تكشف عن تعهد آخر بمبادئ حقوق الإنسان. • دور المنظمات غير الحكومية: إن معظم الشخصيات المرموقة في مجال حقوق الإنسان على المستوى العالمي هم ناشطون غير حكوميين. إن المنظمات غير الحكومية تلعب دور رئيس في تركيز اهتمام المجتمع الدولي على قضايا حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال، لفتت نشاطات المنظمات غير الحكومية في المؤتمر العالمي الرابع للأمم المتحدة حول النساء في بكين1995 الانتباه للانتهاكات الخطيرة المرتكبة ضد حقوق المرأة. من المنظمات غير الحكومية: منظمة العفو الدولية، مجتمع ضد العبودية، اللجنة الدولية للقضاة، هيومان رايتس ووتش "مراقبة حقوق الإنسان". إن فهم المسؤولون الحكوميون لبنية حقوق الإنسان بإمكانه إحداث تغييرات جذرية لدعم الحرية, فمثلاً قام العديد من رؤساء الولايات المتحدة ك "أبراهام لنكولن"، "فرانكلين روزفلت"، "ليندون"، "جيمي كارتر" باتخاذ مواقف داعمة لحقوق الإنسان، كما أحرز قادة آخرون تغييرات عظيمة تحت راية حقوق الإنسان ك"نيلسون مانديلا" و "فاكلف هافل". لقد آن الأوان لتطبيق فكرة حقوق الإنسان، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يمثل نداء للحرية و العدل، و في كل يوم نرى كيف تُحاسب الدول التي تضطهد مواطنيها، و كيف يتحرك الناس لمواجهة الظلم و اللاإنسانية و يسعون للخلاص من القوى القمعية، كل ذلك للوصول إلى عالم تسود فيه قدر الإمكان مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك