الثلاثاء، 6 يوليو 2010

مؤجل... ليست مجرد قصة قصيرة



لم يغير كرسيه ابدا ... ساعده عدم جلوس احدهم عليه كأنهم اعترفوا له به ... تتوالي اللحظات عليه منتظرا دوره ... يحرص علي الاشارة برغبته المعتادة فيفهما الجالس علي المنصة أيا كان ... يحاول ترويض دقات قلبه الذي تلاعب به هرمون الدرينالين ... لكنه يفشل تماما ربما بسبب تأجيل دوره كثيرا ... يعترف انه الملام ... نصف ساعة مبكرا عن موعد حضوره ستنهي المشكلة ... لكنه لا يستطيع ذلك ... ببساطه ... لانه لا يمتلك ذلك ... يداعب الجريدة التي يحرص علي شراء عددها السبوعي في نهاية يوم صدورها ... كأنه يتعمد تأجيل الشراء ... يتأمل العناوين الرئيسية ... لو كانت هناك صحفا صفراء فهذه الجريدة سوداء دون شك ... فساد ... تزوير... تأخر سن الزواج ... لماذا يري ان كل شئ مؤجل في هذا البلد ... و رغم ذلك يشكة تأخره ... يبتسم متذكرا دراسته التي جعلته يفهم كل ما حوله و حنق علي كل من حوله ... لماذا يتأخر رد فعلكم؟! ... هل هناك اسوا مما انتم فيه؟! ... هل تجدون شيئا حسنا فيما حولكم ؟!... هل اصابكم الغمي ؟!... أم أن الاستسلام والياس و السلبية قد قيدتكم ؟!... لا يري نفسه ... يغمض عينيه متاخيلا نفسه صارخا ...ثوروا ... تمردوا ...
يحاول السيطرة علي توتره ... ربما يصعد ليلقي نقدا علي قصة سيئة ... يضع نفسه مكان القاص ... يقينا يشعر بسوء قصته اكثر من اي ناقد ... انما ألقاها لانه يري فيها جمال ما ... يحاول تشجيعه ... ما ضير أن يبتسم في وجهه ... ربما اتي يوما و احتاج ان يعامل احدهم بالمثل ... لكنه واهم ... أنه يخدعهم ... رغما عنه يعترف ... لكنه مازال يري جمالا ما في كل عمل سئ ... و لتذهب كل قواعد النقد البالية الي الجحيم ...
و قبل ان يحاصر تمرده يري الحكم صادرا ... بعض الاسف لضيق الوقت ...ابتسامة هادئة لامتصاص اي غضب بين الاصدقاء ... ليؤجل دوره لأجل غير مسمي ... من يضمن له الحضور الاسبوع القادم ... من يقيد القدر ... يتذكر عندما ألتحق بعمل ما فتأجل لمدة عامان ... و عندما استطاع الحضور تأجل مرة اخري ... لماذا لا يجعلها بأختياره ...هل يخشي ان لا يتذكره احد ؟!... يقينا لا احد يعرفه ... ربما تذكر بصعوبة أسمه ...لكن لا اصدقاء ... للأسف ... يكفيه احتراما متبادلا مع احدهم ... أو بسمة ...عندما تحتضن العيون بعضها البعض ... يخرج من المكان ...يسابق نبتات غضبه ... يحاول جزها باي لحظة متعة ... فلا يجد غير الطريق يصفعه بخطواته ... يسير طويلا ... هوايته المحببة ... و المكلفة ايضا ... لكن من قال ان المشي يبلي الاحذية فقط ... تقع عيناه علي عاشقين تتبندل كلمات الحب بينهما ... يتذكر عدم ارتباطه حتي الان ... و لكن تدوي كلمات صديقه كذكري متعجلة تعبر خط السباق حين يجلس امامه و نظراته الساخرة تعلن الحصار ... يفر منها بثقة ... نعم احب ابنتك و كوني لا املك ما يسد طمعك لا يعني عدم استحقاقي لها ... مناورة خبيثة تنتهي باللحظة المعتادة ... لنكن اصدقاء افضل ... والدي يريد مصلحتي ... و أنا أثق به ... نظرته لا تحمل غير معني واحد ... أتدرين ... لو امتلكت يوما مالا سأتي اليك ... لا لأني أريد حبك ... الحب لا يشتري ... انما لإبتاعك كجارية ... دمعتها تنساب ... يدها تمتد لتمسح بسهولة كل الحب في صدره ...
يتأمل صديقه في دهشة ... أهذه نهايته و هو الرومانسي الرقيق ؟!... يبدو أن الحب قد تغيرت ملامحه من حوله و هو لا يدري ... تري ... كم مثله كفر بالحب ؟!... و كم مثله سيقاوم لينهزم في النهاية ؟!... و متي سيفعل لألقاء نفسه محتضنا الموت ... تؤرجحه الامواج المتلاطمة قليلا قبل أن يعلن النهاية ... و لكن ما أتعسها نهاية ... ما جدوي ان يضحي فلا يراه أحد ... يصرخ فلا يسمعه أحد ... يتألم فلا يتعاطف معه أحد ... إن كانت حياته لا تهم أحدا فالموت ايضا لا يهم أحد ... ليظل هكذا ... وحيدا .. رفاقه ورقة وقلم ... فقط ...و بضعة احلام مؤجلة ...عندما يحققها يكتشف أن الزمن قد غافله و عبث بوجهه ... منزعجا تمتد يده بسرعه لهويته ... يرفعها و بجوارها مرآة ... يتشكك في تاريخ ميلاده ... ينظر للعديد من الكتب المتراصة بجواره بإهمال ... تشاركه حياته ... تشاركه حتي سريره الذي يأست والدته من ان تراه مرتبا يوما ... وخشيته من ضياع وريقه ما يجعل مساهمتها بالتنظيف حلما بعيد المنال .؟.. يرن تليفونه ... صوتا معتادا يحمل طلبا باللقاء ... يتعاملن معه كأخ أكبر رغم أن بعضهن تكبره في السن ... لا يهم هلي يفكر في الاعتذار ... يتأخر رد فعله قليلا بما يكفي لكي تنتهي المكالمة و قد أجبر علي موعد لا يريده... ينظر للجريدة ... يتمتم ... لن يصل الركاب الا اذا وصلت السفينة ... و مادامت السفينة لم تصل بعد فعليهم تحمل الموجات المتلاطمة ... و تعنت قائدها الذي يعلن تاجيل الوصول ... و رغم ذلك فهو القائد حتي اخر نبض يتردد ... في صدره ام في صدورنا ؟!... حتي مصير السفينة مؤجلا يبحث عن هرمون الادرينالين ... لا يجد منه شيئا ... يمسك قلما وورقة ... يحاول الكتابة ... لا يجد شيئا يكتبه ... غير قصاصة ورق تعلن انه بدأ يكتب ... و يعطيها لأمه التي لا تعرف القراءة قبل أن يتركها لوحدته ... لكن حين تناولت الأم القصاصة تأملتها كثيرا ... و دمعة ساخنة تنحدر علي خديها و هي تري بقعة ما بعد حرف التاء تشكل ما يشبه الهمزة .

محمود فاروق
www.policy1.jeeran.com
www.policy122.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك