الثلاثاء، 5 أبريل 2011

يوم التنحي الجمعة 11 فبراير ... كنت هناك

الجمعة 11 فبراير
اخيرا ح اروح ميدان التحرير
بقالي اسبوع ماروحتش
كل يوم أكتب صحيت من النوم و علي شغلي
و بجد الواحد زهق من الكلمة دي رغم اني مقنمع تماما باني لازم اعمل كده لو كنت صادق فعلا ف مشاعري .
طبعا الحوار المعتاد عن الصحيان بدري و امنية انك تصلي الجمعة ف التحرير مع اكبر قدرممكن من الناس .
الناس اللي اتجهت للتحرير و كأنة كعبة للحرية تطوف بجزيرته و هي تهتف الشعب يريد اسقاط النظام...
وطول الاسبوع و انا بانتظر يوم عيدي الاسبوعي ...
يمكن الترحيب اللي بالاقيه "اهلا اهلا بالثوار وسط اخواتكم الاحرار"
يمكن لأن الواحد بيتنفس هنا عزة و كرامة ووطنية.
يمكن لان دي يوتوبيا بجد قدر المصريين انشاءها وخلوها حقيقة وسط عالم اتملا بالكذب .
المهم رحت ميدان التحرير.
دخولك المكان ف حد ذاته بيخليك تنسي اي شئ وكل شئ .
صديقي بيتصل بيا عشان نتقابل ف الميدان .
وصفت له مكاني و قعدت شوية استناه .
و انا قاعد عمال اقرا الجرايد كالمعتاد اتصاحبت علي الي كان قاعد جنبي ...
كالمعتاد برضه .
و لا تتعجب ... انت في التحرير .
صديقي اللي مانزلش ولا مرة ولا حتي كان ناوي ينزل اتأخر قوي ...
قمت من مكاني و لفيت شوية مع الناس اللي بتعمل مظاهرة كل 30 ثانية .
و ع الساعة اربعة ونص بعد العصر انتشرت اشاعة بسرعة جدا عن ان مبارك طلع ف التليفزيون واتنحي .
الناس هيصت جامد ...
بس الاذاعة بسرعة كدبت الخبر ...
رجع الوجوم لثانية واحدة بس قبل ما ترجع العيون للمعة الغضب و الاصرار و التحدي .
الصوت بتاع الهتاف كان بيعلا المرة دي بشكل اشبه بالرغبة في تسميع مبارك الي قاعد ف مصر الجديدة صوت الموجودين ف التحرير .
و انباء عن مجموعة راحت للقصر مخليني قاعد اتخيل مبارك و هو خارج بيجري من باب القصر الوراني .
بتغسل قلبك شوية و تجدد مصريتك و تتمني لو تشوف المنظردا كل يوم مش يوم الجمعة بس .
بتغرب الشمس و هي بتبتسم من ابتكارات و خفة دم الموجودين و الي اتفننوا بجد ف اظهار مدي غضبهم بشكل كوميدي للغاية .
بس أكد ان الابتسامة رجعت تاني للوشوش اللي عكرتها الازمات الاقتصادية والضغط العصبي و الاستهانة بيهم .
ماتحسش بالضلمة وسط الميدان .
اتمشيت شوية ...
كنت واقف ساعتها عند شارع ميريت...
فجأة لقيت الميدان يتحول لاجمل مشهد ممكن تشوفه بس ف احلامك لدرجة اني قعدت دقيقة كاملة مش مصدق.
شلالات هادرة من الفرحة و الاحساس بالفخر و الانتصار و مشاعر كتيرة قوي اتجمعت ف لحظة واحدة مهما كانت البراعة في استعمال الكلمات مش هاتقدر تلاقي وصف يليق بيها .
السجود الجماعي و مقدار القداسة و الخشوع اللي بيتسرب للكل سواء سجدت او لا .
الصراخ بصوت عالي كأنك عايز تبلغ العالم كله ان الشعب اراد و اسقط النظام .
احتضانك لكل واحد بيعدي جنبك و تقبيلك لراسه و كأنك بتشاركه او هو بيشاركك الفرحة اللي بجد.
بصراحة حسيت اني لاول مرة بافرح .
ساعتها بس حسيت بمعني هتاف
ارفع راسك فوق ... انت مصري

الالعاب النارية اللي انطلقت عشان تنور السما وتحولها لعروسة بتتزين يوم زفافها ومع كل طلقة كانت الناس بتعلا ف هتافها .
الزحمة اللي كانت بتتحول لأمواج من البشر بقت فجأة موجة واحدة لدرجة خفت علي حدوث اغماءات ... لكن الغريب ان ماحدش حس بأي شئ و كأن ربنا ماأرادش يفسد فرحتنا دي .
ماكنتش مهتم ايه اللي حصل بالظبط او ازاي حصل بعدين عرفت ان عمر سليمان القي خطاب تنحي الرئيس او تخليه عن السلطة لصالح المجلس العسكري و ايا كان الوضع فمبارك تنحي عن الحكم .
زغاريد البنات اللي كانت موجودة ف الميدان ساعتها و هي واقفة علي الجزيرة الي ف النص او الجزيرة التانية اللي قدام المجمع حسيت بيها و كأنها برواز بيزين صورة الشباب اللي كان بيشكل بدوره تابلاوهات راقصة بكل انواع الرقص من اول التنطيط ف مكانك و الحمل علي الاكتاف لحد الجري من خلال طابور .
ماكنش ممكن لحد انه يتحفظ علي فرحته او ينكسف من الابتسامات الطفولية اللي استردت برائتها .
التجمعات ف التحرير واضح انها ناوية تستمر للصبح ... باشوف ساعتي لقيتها داخلة علي تسعة و نص ... استغربت من مرور الوقت بسرعة قوي كده ... اتمشيت لحد محطة مترو الدقي ...
مشاهد العربيات اللي خرجت معلقة الاعلام و الرقص فوقها و الهتافات اللي عمالة ترج الارض تخليك تحس انه عيد قومي ...
التصوير جنب الدبابات لحظتها بقي ليه طعم تاني ...
ولأول مرة ف حياتي احس بجد ان الشعب المصري دا من اعظم – ان لم يكن هو الاعظم- شعوب الارض .
حسيت ان الشعب دا يستحق اكتر بكتير من مجرد حياة كريمة و متحضرة ...
و بصيت للنيل اللي ياما كنت باحس بحزنه و بغضبه معايا ...
المرة دي لقيته بيضحك قوي و بيهتف معانا ...
اللي شفته ف خلال 18 يوم من بداية المظاهرات وخروجي من غير دعوة و لا تنظيم اللهم مجرد رغبة في الصدور اتراكمت لمدة تلاتين سنة و حانت لحظة انفجار براكين الغضب و اتخاذ الشكل السلمي المتحضر رغم الاعتداءات و محاولات القتل اللي شفتها بعيني ف يوم الجمعة 28 يناير – جمعة الغضب – او يوم معركة الجمل و اللي بجد ماعرفش ف مكان زي اللي كنت فيه دا و ازاي اخرج سليم من غير خدش واحد رغم رؤيتي لكم الاصابات اللي حصلت للناس الي كانوا جنبي ... و علي فكرة ... انا كنت شايف الاصابات دي كأنها اوسمة لازم يفتخروا بيها ... ولازم نكرمهم رغم اني واثق انهم لما خرجوا و لما هتفوا و لما انضربوا ماكانوش عايزين تكريم من حد ... كانوا عايزين كرامة لكل حد .
و لحد ما شفت بعيني فرحة الناس بإنتصارنا و قد ايه الناس قدرت ترجع ثقتها بنفسها و كتبت من تاني شهادة ميلادها ...
كل دي مشاهد كان لازم اكتب عنها ...
و الغريبة اني لما باتذكرها بالاقي مشاهد كتير قوي نسيت اكتبها بسبب الحالة النفسية اللي باكون عليها وقت كتابتها ... لانك مش ممكن تكون محايد و انت بتكتب احداث حصلت لك و ماينفعش تكتب تاريخ انت جزء منه ...
بمعني اني اكيد مش ح اقدر اوصف بالضبط كل شئ لاني موجود ف النص ... وبالتالي اما اني حاوصف جزء بسيط للغاية من المشهد بالكامل و دا اللي خلاني كنت باتحرك من كان لمكان عشان اعرف و افهم و احلل و اجاوب علي اسئلة كتير قوي ...
و اما انك ح تكتب مدفوع برغبة داخلية شخصية و تتحول الي مجرد خواطر وعلي القارئ انه يسلم برأيك انت و بس و بصراحة انا باكره الاسلوب دا جدا رغم ان ممكن تلاقي بعض الاسلوب دا ف اليوميات .
انا حاولت اكتب و اقول لكل اللي ماخرجش من بيته قد ايه مرينا بأيام عظيمة ...
حبيت اكتب تاريخ لايام تستحق فعلا تكون ف التاريخ.
حبيت اخلي الامور سهلة جدا للناس الي هاجمتني ف كل مكان و هما مش عارفين هما بيهاجموا "العيال بتوع التحرير" ليه .
مجرد هجوم وخلاص مع استعداد لجني حصاد الي بيزرعه و يرويه العيال دول بدمهم. كفاية رجعت لنا كرامتنا و مافيش حد ح يقدر يهين فينا او يستهتر بقور الشعب دا تاني .
انا لسه عندي كلام و حكايات كتير قوي محتاج اكتبها ...
و اكيد ح الاقي وقت لكتابتها بالكامل ...
و مش مهم ايه القالب او الاطار الادبي اللي حاكتب فيه ...
المهم اني اكتب
و المهم
اني ارفع راسي فوق ... فوق قوي ...
انا مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك