الثلاثاء، 5 أبريل 2011

اليوم السادس الاحد 30 يناير كنت هناك

الاحد 30 يناير

يوم الخوف علي والدتي ...
أصريت هلي مصاحبتها للسوق اللي بيقام اسبوعياَ ...
شك داخلي ف أن ممكن و لو إحتمال بسيط إن حد ممكن يأذيها ...
طبعاَ قصدي الحرامية و من شابههم .

الحمد لله مافيش أي شئ غير عادي ...
بالعكس ... الناس تحس منهم ان و لا اي حاجة حصلت ..
لدرجة شككتني ف ان حد منهم عرف بوجود مظاهرات و ضرب و حرايق

اتطمنت علي والدتي و اول ما رجعنا انا و هي البيت خدت طريقي المعتاد لميدان التحرير ...

تغيير الطريق عشان أشوف شوارع أكتر و أعرف أكتر ...
اتجاهي للسيدة زينب ...
شفت القسم اللي اتحرق و ازاي .
الغريب اني استغربت من وجود القسم وسط بيوت الناس و سألت نفسي ازاي ح يتحرق بالشكل دا من غير أي اذي للبيوت اللي حواليه .

لفت نظري تجمع الناس حوالين واحد عرفت بعد كده إنه كان مأمور القسم دا و بعدين اتنقل ...
و لسه الناس فاكراه بكل خير ...
علشان كده اول ما شافته جريت عليه عشان تحييه .

كنت اتوقع اني ح امشي كتير لكن لقيت نفسي فجأة ف لاظوغلي
من السيدة زينب وصلت لوزارة الداخلية ...
قطع كتير من ملابس جنود الامن المركزي مفروشة ف ميدان لاظوغلي ...

ممنوع تعدوا من هنا ...

طبعا كل المداخل ليها مقفولة ...

ف الاوقات العادية كنت ح أزعل و أتضايق من أسلوب عسكري الشرطة ...
لكن الاسلوب المحترم من عسكري الجيش خلاني ابتسمت و كأني باقول :
تمام يا فندم ...
و كل ما باتحرك عيني بتصور مشاهد أكتر ...
أخيرا لقيت شارع ممكن أعدي منه من غير حد يقول ليا ممنوع المرور
لو حبوا يعملوا متحف لاثار معركة ممكن ييجوا هنا
العربيات المحروقة
الموتوسيكلات
و كمان لقيت عجلة محروقة
كل دا اترمي ع الطريق و الناس قعدت تصور فيها

الدمار ف ك مكان فكرني بفيلم حكايات الغريب ...
مع الفارق طبعاَ ...
بس عمري ماكنت أتمني و لا أتوقع اشوف حته ف بلدي بالشكل دا ..
أكيد دي كانت مذبحة عشان يحصل كل ده ...
لكن تعمل ايه ف الفوضي ..
طيب مين السبب فيها ؟

الشباب كانوا بينضربوا بمنتهي الاخلاص و التعاون ...
و الامن المركزي ماستخسرش القنابل لدرجة انه خلص علينا القنابل المنتهية الصلاحية كمان ...
ح يقطعوا نفسهم يعني ؟
راديو شاك و عربيات و أوراق اتحرقت تماما ...
سألت و عرفت ان كانت فيه محاولة لاقتحام الوزارة و انتهت بضرب النار ...
طبعاَ كان غباء منقطع النظير ...
لان الموجودين ف الوزارة ح يدافعوا عن نفسهم مش عن الوزارة ... عن العضب اللي بيزحف نحيتهم ...
خافوا فدافعوا عن نفسهم ..
و ح ترَوح لهم ؟


وصلت لمكان انا عارفه كويس ...
كنت باجي اشتري الجرايد من هنا نم مكتب مرتجع الاهرام ...
جنبه علي طول محل فول و طعمية صاحبه راجل جميل جدا بطيابته و نضافة أكله ...
زعلت قوي لما لقيت المحل دا متكسر ...
طيب ليه ؟!

حرام عليكم!!!

جرايد شبه محروقه مرمية علي الارض...

تاريخها قديم قوي ...

لقيتني من غير ما اشعر بالم منها ...
كأني كنت عايز ابعد عن حقيقة الدمار اللي حواليا ...
او عايز اهرب لماضي قريب ...
باحاول اشوف تاريخهم و ارجع بذاكرتي للتاريخ دا ...
يمكن ساعتها كان المنظر افضل

مافيش و لا حاجة من اللي حواليا دلوقتي ...
بقت المعادلة صعبة...
منظر حلو و مضمون قذر
و لا منظر قذر و مضمون احلي ؟
بجد مابقتش عارف

بعد ما لميت شوية منها رميتهم تاني ...
مش ح ينفع تغمض عينيك ...
اللي حصل فعلا حصل ...

مشيت و انا باراقب البيوت اللي اتكسر قزازها ...
طريقي للتحرير اللي لقيت نفسي وصلت له ...
محل هارديز اللي اتكسر تماما و اتغرق مية ...
المحل دا امبارح كان كويس ...
أيه اللي حصل ؟!
المية مغرقة الشارع قدام المحل ...

شاب داخل المحل بيدوَر بعينيه علي أي حاجة يعبي فيها المية مع الشباب اللي نزلوا بجزمهم و هدومهم وسط المية ...
عارفين كانوا كام ؟

حوالي عشرة ؟أفراد ...
وسط ألوف البشر ف التحرير

يعني دول بس اللي اهتموا يزيحوا المية ؟

نرجع لصاحبنا اللي شكله اتحبس جوة المحل و مش عارف يتحرك من المية اللي حواليه ...
بيهتف ف واحد يعرفه يقرَب له قطعة خشب لأنه أتزنق وسط المية ...
صاحبه نفذ له المطلوب ...
عديت ايدي من شباك او باب المحل اللي كان باين رغم ان الساعة ماعدتش اتناشر الضهر بضلامه كأنه بالليل .
المهم انا عديت ايدي من الشباك او من باب المحل عشان أساعده يخرج ...
ف نفس اللحظة لقيت فلاش كاميرا اتنين شكلهم اجانب خلاني ابتسم و انا اقول للشاب :

يالا يا عم ... اديك اتصورت ...
و الله اعلم بقي ان كنت ح تطلع بطل و لا ح تطلع حرامي ...

الرد جه من راجل عجوز كان واقف بيراقب المحل و يراقب الشاب من ساعة ما دخل ...

قال :
و هو لو كان داخل يسرق كان خرج من هنا سليم ؟

دا أنا كنت دفنته مطرحه ...
ابتسمت وأنا باحاول اتأمل الناس اللي ف ميدان التحرير ...

طبعا كان مستحيل افكر ان دول هما اللي كانوا معايا اول امبارح الجمعة ...
و اكيد مش وسطهم حد من اللي كانوا من يوم الثلاث...

لان اللي انا شايفهم دول اشبه بكدابين زفة ...
ناس جاية تاخد عرق ناس اتضربت و اتهانت علي الجاهز ...

يمكن لان مش معقول اصدق ان في ناس بتنظم المرور و تكنس الشوارع و تنزح المية و ناس لسه واقفة من يوم الجمعة عاملين ساتر بشري حوالين المتحف المصري...

و ف نفس الوقت الاقي ناس ماسكة الكاميرات و عمالة تصور بمنتهي الحماس الدبابات و العربيات المحروقة و كم الدمار اللي محاوط كل حاجة كانت جميلة ...

كنت كاره كل الناس اللي حواليا ...
لدرجة اني خرجت من ميدان التحرير ف اتجاه رمسيس ...
اتحججت بيني و بين نفسي بأن اشوف ايه اللي حصل ف قسم الازبكية ...
و ياريتني ما رحت ...
ف الطريق الاقي نار طالعة من عند محكمة الجلاء
و الشبابيك و كم اوراق محروق بدرجة غريبة ...
شكل واحد مش فاهم هو بيحرق ايه ... بس بيحرق و خلاص ...

يمكن تكون انتقام ؟
ممكن تكون خطة متدبرة هي التانية؟

بجد مش عارف ...

النار لسه والعة و ماحدش عايز يطفيها ...

نفس المشهد الي انا شفته يوم الجمعة بعد ما وصلت لقسم الازبكية ...
رجليا خادتني و رحت القسم اشوفه ...

ورق مرمي ...
كمية من الحبر الاحمر او الفسفوري مرمية ع الارض بشكل يحسسك بالفزع ...

ناس عمالة تقلب ف بواقي الحاجات المرمية ...

موتوسيكلات و عربيات محروقة ف مكانها ....
و المدهش واحد جايب عربية كارو بحمار وعمال يجاهد عشان ينقل عليها حطام العربيات دي ...

طبعا دا تاجر خردة ..

فتاة معاقة عمالة تبص ف كل الورق المرمي بتركيز شديد ...

وشكلها كأنها بتدور علي حاجة بس مش عارفة تلاقيها ازاي ...

شكلها خلاني اتجرأ و اسألها ...
ردت : ... ماتعرفشي تطلع ليا اسمي من الورق دا ...
و قبل ما افكر حتي اندهش كملت كأنها مدفع رشاش :
انت ماتعرفش و لاد الكلب دول كانوا بيعملوا فينا ايه ...
دول افتروا ع الكل ... و ياما لفقوا لي تهم ...

بصيت لكرسيها المتحرك ... و سبت المكان بأسرع ما يمكن ...

رجعت للتحرير ...

و الشارع الفاضي تماما من السيارات يشجعك علي المشي في النص...
بس ما تعرفش ليه الناس برضه ماشيين علي جنب الطريق ...
فعلا الالتزام دا موجود جوة القلب مش بالعصاية ...

الناس اللي عمالين يرقصوا حواليا كأنه فرح ...

دخلت و خرجت من التحرير ف اتجاه محطة مترو الاوبرا ...

جوة محطة المترو ابتدت الناس تتكلم شوية بشوية ...
معظمهم بيتكلم عن الشرطة اللي اختفت و ايه اللي حصل بالضبط ...
وصلت المنيب و تقريبا مافيش و لا عربية في الميدان ...
و الناس مايكملوش عشرين واحد وواحدة و مش عارفين ح يركبوا ايه ...
تخيل ان مافيش ولا حتي عربية معدية ...
شوية و لقيت عربية نقل البان ...
عربية نص نقل محطوط علي ضهرها صندوق اشبه بالتلاجة عشان ينقل الاغذية او الالبان ...
من غير تفكير ركبت العربية و اتقفل بابها علينا و سمعت ف الضلمة حوارات كلها عن الاقسام اللي اتحرقت و اتحرقت ازاي ...
كان نفسي افهم منهم حقيقة الي حصل ...
بس ماحدش كان فاهم اي حاجة ...
وصلت طموة ومشيت لحد ما رجعت البيت ...
ف الطريق كذا واحد ماسك عصاية و شومة و عاملين حماية ولو بالاسم عن البلد .
فتحت التليفزيون فسمعت شوية استغاثات ماعرفش من مين بسبب ان الحرامية ماليين البلد و البلطجية بيثبتوا الناس ف البيوت .
و حالة غياب امن و شرطة غريب و مريب جدا ..
افتكرت الموقف بتاع القسم و البنت المعاقة اللي كانت بتدور علي ورقها بس مش بتعرف تقرا .

خلتني افتكر زميلة ليا ف دبلوم القانون العام عندها نفس الظروف ...
اتصلت بيها ...
انهيار تام منها و اتهام بان اللي خرجوا دول ف المظاهرات هم سبب الغياب الامني دا ...
و ان حرام اللي بيحصل دا ...

سألتها و انا مش عارف ان كنت اقول ليها اني كنت ف المظاهرات و لا لأ...
ايه اللي حصل عندكم بالضبط ...
معلوماتي انها ساكنة ف الشارع اللي جنب مسجد الفتح برمسيس...
و اللي حصل ان القنابل المسيلة للدموع كانت بتترمي علي الناس ف البيوت و منهم قنبلة وقعت ف بلكونة شقتهم و دخانها ملا الشقة بالكامل ...
ومع صعوبة حركتها بالكرسي كان الاختناق شديد جدا ...

و مع اغماءات كتير و ساعات عصيبة جدا عليها ماصدقت انها انتهت علشان تبدأ الشائعات عن الحرامية و البلطجية اللي بيعتدوا علي الناس ف البيوت ...
و انها كبنت خايفة علي نفسها لدرجة الرعب و الفزع من اي حد طالع ع السلم حتي لو من سكان البيت ...
كان صوتي اقرب للصراخ و انا باقولها مش الشباب اللي طلع ف المظاهرات هو السبب...
سألتني بلهجة مش قادر انساها لحد دلوقتي ...
انت كنت معاهم ... سكت شوية و انا مش قادر اقولها ...
ردت علي سكوتي بجملة واحدة ... حرام عليكم .
حاولت ادافع عن نفسي ...
حاولت ادافع عن الناس اللي خرجت تقول لا ...
اتكلمت كتير و انا مش عارف ان كانت بتسمعني و لا لا ...
ماعرفش المكالمة انتهت علي ايه بس نفسيتي كانت تعبانة جدا خصوصا و التيلفزيون عمال يعرض استغاثات و بس ...

ونمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يشرفني قراءة تعليقك ايا كان... فردودك اثبات وجودك